فى التقرير الشهرى الذى يعده مركز مكافحة الفساد التابع لمؤسسة نبض الوطن جاء أحمد البردعى الرئيس السابق لبنك القاهرة فى صدارة المصرفيين الذين تورطوا فى إفساد البنوك المصرية وذلك فى إشارة واضحة الى رموز الفساد الذين كانوا بمثابة الأذرع الرئيسية لجمال مبارك التى استخدمها فى نهب أموال البنوك وتوزيعها على رجال الأعمال الذين كانوا يشكلون الأعمدة الرئيسية للنظام الأسبق قبل أن تطيح به ثورة 25 يناير 2011.
واختتم التقرير بعدة تساؤلات أبرزها :لماذا يصمت النائب العام أمام هذه الوقائع ولماذا لم يفتح تحقيقا حول فساد البردعى الذي تنشر "بوابة نبض الوطن "الجزء الأول منه فى إطار ما تقدمه من ملفات حول الفساد فى مصر.
وقبل الدخول فى التفاصيل يجب أن نعود الى قصة صعود أحمد البردعي الذى اعتبره البعض أحد أذرع جمال مبارك التى استخدمها في نهب أموال البنوك وتوزيعها علي رجال الأعمال ، فقد بدأ تقربه من جمال بطموح بسيط يتمثل فى الأمل أن يفوز بوظيفة كبيرة الي أن قاده طموحه فأصبح ذراعه في منح "الشلة" من أحمد عز إلي أبو العينين وبهجت وراسخ قروضا بأكثر من 10 مليارات جنيه فكانت المكأفاة الكبري له أن جعله رئيسا لصندوق مصر للاستثمار الذى هو فى حقيقة الامر بمثابة أحد مصادر ثروة نجل الرئيس المخلوع.
ولم يكن رئيس بنك القاهرة السابق يتوقع أن صداقته بجمال مبارك ستفتح له أبوب الحظ علي مصراعيها وتحوله إلي أحد أهم رجال القطاع المصرفي.. فكل ما كان يتمناه أحمد البردعي عندما اقترب منه نجل الرئيس أن ينال رضاه ويعين في وظيفة بنكية براتب كبير.
ومع مرور الوقت تحول الرجل أحد أهم مساعدى جمال مبارك الذين يقومون بتنفيذ سياساته في البنوك ويتلقي أوامره بصرف قروض لرجال أعمال مقربين وتسوية قروض آخرين.. كان لا يتواني في تنفيذ أوامر نجل الرئيس الذي كان بمثابة تميمة الحظ قبل أن ينقلب عليه ويجبره علي الخروج مرغما بعد تفجر ملف المخالفات في بنك القاهرة.
وترجع علاقة البردعي بجمال عندما عمل الأخير موظفا في بنك أوف أمريكا.. لم تكن علاقتهما قوية في البداية، ولكن سرعان ما تغيرت الأحوال، حيث تقرب البردعي إلي جمال بمشروع لتطوير قطاع البنوك عندما كان الأخير عضوا بمجلس إدارة البنك العربي الأفريقي.
ويبدو أن جمال اكتشف بعض المهارات الخاصة عند البردعي بجانب قدرته الهائلة علي مدحه فقربه إليه وجعله أحد رجاله، خاصة حين صار الاثنان في عضوية مجلس إدارة البنك العربي الأفريقي..ومع صعود نجم جمال السياسي وصل البردعي بسرعة الصاروخ أيضاً إلي منصب رئيس البنك ثم تم تعيينه كرئيس لبنك القاهرة وسط اعتراض عدد كبير من المتخصصين.. لكنه لم يخيب ظن المعترضين وحقق فشلا ذريعاً في إدارة البنك بسبب المخالفات وكثرة المتعثرين خلال رئاسته، حيث وصلت محفظة الديون المتعثرة قبل أن يغادر البنك إلي 10 مليارات جنيه، اضطر جمال بعدها عن التخلي بشكل مؤقت عن صديقه.
ساهم البردعي أثناء رئاسته للبنك العربي الأفريقي في منح عدد كبير من رجال الأعمال قروضا هائلة بالمليارات حيث منح محمد ابو العينين وحده 700 مليون جنيه إلي جانب أحمد بهجت ومنصور عامر ومجدي راسخ صهر الرئيس المخلوع وعدد كبير من رجال الأعمال..كما ساعد رجل الأعمال إبراهيم كامل وقام بجدولة ديونه لبنك القاهرة ومنحه أجلا للسداد، لعلاقته الوثيقة بنجل الرئيس.. بينما دخل في حرب إعلامية مع بعض رجال الأعمال كان أشهرها حربه مع رامي لكح لأنه اتهمه بتدمير بنك القاهرة وإفساد الاقتصاد المصري، وقال إن لديه أدلة تؤكد أن البردعي باع فيلته الخاصة ليسدد قرضاً حصل عليه عميل من البنك كما دخل في حرب إعلامية مع مرتضي منصور بسبب نفس الاتهامات إلا أنه وبعد عدة أيام ترك البردعي بنك القاهرة ودخل في عزلة إجبارية واختفي، قبل أن يظهر في إحدي شركات التمويل المتناهي الصغر بمساعدة صديقه رجل الأعمال نجيب ساويرس الذي يمتلك معظم أسهم الشركة.
استعان جمال بالبردعي لإنشاء كيان مشبوه اسمه صندوق مصر للاستثمار الذي تم تأسيسه في 23 يوليو عام 1996 في مدينه لكسمبورج بالاشتراك مع رجل الأعمال ابراهيم كامل.. وتهدف الشركة إلي تحقيق أرباح متوسطة وطويلة الأجل من خلال الاستثمار في أسهم الشركات التي يتم إدراجها في سوق البورصة المصرية، وشغل إبراهيم كامل منصب رئيس صندوق مصر للاستثمار ثم استقال بعد ذلك ليحتفظ بالعضوية فقط ليخلفه البردعي في رئاسة الصندوق الذي كان أحد مصادر ثروة جمال، قبل أن ينضم لمعاونة نجل الرئيس في شركة انفيستمنت التي أنشأها لبيع ديون مصر.